السبت، 14 أبريل 2012

من أزمات الفكر الانساني: وأد الحرية ، وتقنيع العدالة!!


"نحن مجانين إذا لم نستطع أن نفكر ومتعصبون إذا لم نرد أن نفكر، وعبيد إذا لم نجرؤ أن نفكر"......افلاطون
لاشك أن هناك سنناً كونية لا تتغير ولا تتبدل مهما تغير الأشخاص أو الأماكن أو ظروف الأحداث .ذلك أن هناك مقدمات تؤدي دوماً إلي نتائج منطقية مترتبة عليها، ومن العبث أن نظن أننا من الممكن أن نغير النتائج إذا أقدمنا علي نفس المقدمات، لأن نفس الفعل يؤدي حتماً إلي نفس النتيجة.
إذن فالأفضل أن نغير الأفعال من أجل نتائج أفضل، وأول خطوة في التغيير هي الاعتراف بوجود مشكلة ومحاولة تحديدها بدقة ولن يتأتي ذلك إلا بالتقييم المجرد لواقعنا دون تحيز أو تعصب فنكون مثل الطير الذي يحوم عالياً في الآفاق ليري الصورة كاملة دون أن يكون جزءاً منها .
إن أعظم الخطايا دوماً هي تلك التي تنتج عن العقل أو الأسلوب الذي ندين به في التفكير ذلك أنه القائد الذي يوجه بقية الحواس أو حتي الأفراد لفعل الصواب أو الخطأ، وبصلاحه تستقيم الجوارح ،حتي لو صادفت ميلاً وزيغاً عن الحق في بعض اللحظات فسرعان ما سيعيدها لجام الفكر المعتدل والمنطق المجرد إلي صوابها، أما لو فقدنا هذا اللجام فسيحدث دوماً ما لا تحمد عقباه.
والحروب والثورات والصدامات التي امتلأ بها تاريخ البشرية منذ عهد الأنبياء إلي الآن خير دليل علي ذلك ، وسنظل في دوامة لا تنتهي من هذه الصراعات طالما لم نضع أيدينا علي الأزمات والخطايا الفكرية التي نقع فيها مهما اختلفت انتماءاتنا الثقافية أو السياسية أو حتي الدينية.
بدءاً من فرعون مصرالشهير صاحب مقولة :" مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ " سورة غافر-29- ، ومروراً بأشهر ديكتاتوري العصر الحديث أمثال هتلر وموسوليني وفرانكو ومبارك والقذافي وبن علي وغيرهم نجد أن الخطأ المشترك بينهم جميعاً سواء تعمدوه أو وقعوا به لجهالة ألمت بعقولهم المظلمة هو نفس ما وقع فيه فرعون مصر، والفارق الوحيد أنه قال ذلك صراحة أما هم فقالوه تعريضاً وترجموه فعلياً ، جميعهم اشتركوا في تسفيه قدر شعوبهم فعاملوهم كعبيد أو كأطفال صغار لهم حق الوصاية عليهم لأنهم وحدهم هم من يعرفون الصواب ويرون أنه أكبر بكثير من أن تفهمه أو تدركه عقول شعوبهم الضيقة! كان الصواب الذي توهموه جميعاً هو كل ما يضمن بقاءهم ويكرس سلطتهم لأنهم لابد أن يكونوا في أعلي الهرم ليتمكنوا من حفظ أوطانهم ، هكذا توهموا أو هكذا كانوا يحاولون إيهام شعوبهم!
إن واقعنا المصري الحالي يفرض علي جميع من قُدر له تولي أمر هذه البلاد- أياً كان انتماؤه أو صفته- أن يعود قليلاً للوراء ويقرأ التاريخ قراءة متأنية ومتجردة ليقف علي أسباب زوال من كانوا قبله ليتداركها ولا يكرر ما كان يفعله سابقوه من تسفيه واستهتار بعقول الشعوب وإعلان الوصاية الجبرية علي مصائرهم . وعليهم جميعاً أن يدركوا أنهم الآن وبعد تبديل الأماكن ليسوا معصومين من الوقوع في ذات الخطأ الذي حاربوه من قبل والذي ربما ثاروا في لحظة ما بسببه، فليس هناك أيسر علي العقل البشري من إيجاد التبريرات للهروب من محاكمة الضمير الحي وإذ لم نتدارك هذا الأمر فسنجد أننا نقنع العدالة بأقنعة ظاهرها السعي لخدمة الوطن وإعلاء كلمة الدين ومحاربة العلمانية والحفاظ علي مكتسبات الثورة ، وباطنها المصالح الشخصية وتصفية الحسابات ، وتشتيت القوي وتدعيم الفرقة. وإذا كانت العدالة يرمز إليها بشخص معصوب العينين لكي يحكم بالعدل دون أن يري أياً من الخصمين حتي يكون متجرداً في حكمه، فعلينا إذا أردنا تطبيق العدالة أن نكون معصوبي الأعين عن كل مصلحة خاصة أو تعصب قبلي أو حزبي. إن تقنيع العدالة هو الخطوة الأولي نحو وأد الحريات التي مازالت تحبو وتتعثر في خطواتها الأولي، وهو ما شتت وفرق الناس بعد أن توحدوا سابقاً علي نفس الهدف، وهو ما سيمكن الذئب الجائع والثعلب الماكر من التهام القطيع كله وفوق ذلك كله هو ما ينذر بهدم هذا الصرح العظيم الذي بُني بدماء أطهر شباب هذا الوطن . فهلا استفقنا؟!

هناك 6 تعليقات:

  1. ربي احم شعب مصر وانصرهم أجمعين
    :(

    ردحذف
    الردود
    1. اللهم آمين
      شكرا لمرورك يا نسرين نورتي المدونة :)
      اميمة

      حذف
  2. Thank you for your wonderful topics :)

    ردحذف
  3. Thank you very much . It is an honour for me .

    ردحذف
  4. الردود
    1. أشكرك وأهلاً بك في مدونتي المتواضعة :)

      حذف