إذا كنت من هواة الاحتفاظ برسومات الطفولة
ثم دفعك الحنين الآن وأنت شخص بالغ إلي أن
تستنشق عبير البراءة والنقاء، فأعدت التأمل فيما خطّته يداك الصغيرتان آنذاك فلاشك
أنك ستجد أن عيني الطفل فيك لم تكن تري في الأشياء إلا بعداً واحداً أو بُعدين علي
أقصي تقدير- هذا بالطبع فقط إذا كنت موهوباً بالفطرة في تجسيد ما تراه- ولعل هذا
هو ما يميز رسومات الطفل عن رسومات ولوحات الفنانين الكبار: كلاهما يري نفس الشئ
لكن الفنان يري الأبعاد الثلاثة في الفراغ فيأتي تجسيده أقرب للواقع وللصورة
الحقيقية.
ونحن إذ
نمر بهذه الأحداث المتتالية في مصر في أمس الحاجة لأن نري هذا البعد الثالث في
حقائق الأمور والأحداث..
المشكلة التي لا نريد الاعتراف بوجودها والتي تصر علي الطفو دائماً بعد كل أحداث احتجاجية، أو ثورية، أو انتخابات، أو استفتاءات للشعب أن الجميع لا يري إلا جانبه والجانب المضاد وينسي أو يتناسي أن هناك جانباً محايداً ينظر بتجرد إلي الجانبين ليختار إلي أين ستكون وجهته.
المشكلة التي لا نريد الاعتراف بوجودها والتي تصر علي الطفو دائماً بعد كل أحداث احتجاجية، أو ثورية، أو انتخابات، أو استفتاءات للشعب أن الجميع لا يري إلا جانبه والجانب المضاد وينسي أو يتناسي أن هناك جانباً محايداً ينظر بتجرد إلي الجانبين ليختار إلي أين ستكون وجهته.
هذا الجانب المحايد هو البُعد
الثالث للصورة، وهو الأغلبية من هذا الشعب التي تم وصفها بالعديد من المسميات كان
أبرزها حزب الكنبة أو الكتلة الصامتة ! هذه الكتلة هي التي أحدثت انقلاباً غير
متوقع في نتائج الانتخابات الرئاسية التي تلت سقوط مبارك و التي جاءت صادمة لكل
الأطراف حيث انحسرت الإعادة بين مرشحين أحدهما محسوب علي النظام السابق الذي سعت
جموع الشعب لإسقاطه، والآخر محسوب علي جماعة الإخوان المسلمين التي كان يُنظر
إليها بتخوف وحذر من أغلب فئات الشعب.
الأحزاب الدينية ولنختر ممثلاً عنها حزب الحرية والعدالة - بما أنه الأكثر تنظيماً والأقدم علي الساحة – وقعت في هذا الخطأ عندما أصرت علي أن هناك جانبين فقط:
الجانب الأول هو جانب من يريدون تطبيق الشريعة ومشروع النهضة والذين تعذبوا كثيراً علي أيدي النظام الديكتاتوري السابق لذا فهم يشعرون أنهم الأولي بإدارة هذه البلد التي تحملوا من أجلها الكثير من التعذيب سابقاً، والجانب الثاني في نظرهم مكون من بقايا هذا النظام الفاسد أو ما يسمي" بالفلول" مضافاً إليه الإعلام الموجه لتشويه صورهم و " العلمانيين المعادين للشريعة الإسلامية" وبناءً عليه، فإن أي فرد لابد أن ينتمي لأي من الجانبين: إما جانب أيديولوجية الإخوان المسلمين ،أو أيديولوجية الفلول والإعلام الفاسد والعلمانيين!
الأحزاب الدينية ولنختر ممثلاً عنها حزب الحرية والعدالة - بما أنه الأكثر تنظيماً والأقدم علي الساحة – وقعت في هذا الخطأ عندما أصرت علي أن هناك جانبين فقط:
الجانب الأول هو جانب من يريدون تطبيق الشريعة ومشروع النهضة والذين تعذبوا كثيراً علي أيدي النظام الديكتاتوري السابق لذا فهم يشعرون أنهم الأولي بإدارة هذه البلد التي تحملوا من أجلها الكثير من التعذيب سابقاً، والجانب الثاني في نظرهم مكون من بقايا هذا النظام الفاسد أو ما يسمي" بالفلول" مضافاً إليه الإعلام الموجه لتشويه صورهم و " العلمانيين المعادين للشريعة الإسلامية" وبناءً عليه، فإن أي فرد لابد أن ينتمي لأي من الجانبين: إما جانب أيديولوجية الإخوان المسلمين ،أو أيديولوجية الفلول والإعلام الفاسد والعلمانيين!
وقد يكون تصرفهم هذا نابع من "سيكولوجية المُعذَب"
الذي أفقدته كثرة وألم التعذيب الثقة في الجميع ونمي لديهم الشعور بالاضطهاد وجعلهم
يغفلون عن رؤية أي شئ آخر وأي بعد آخر لحقائق الأمور والأحداث.
كان هذا هو الخطأ الفادح الذي وقعوا فيه: أنهم لم يفرقوا
بين المحايدين وبين المترصدين لهم، بين
غالبية الشعب المصري الذي وضع ثقته بهم مضطراً لصنع مستقبل أفضل لمصر بعد رحيل
مبارك ،وبين بقايا نظام مبارك، وبالتالي
عندما كان أي شخص ينتقد أو يتساءل إما بغرض الرغبة في المعرفة أو النقد الإيجابي
أو التعبير عن تخوفات كان يجد جواباً أو تصرفاً دفاعياً من الجماعة واتهاماً
بالانتماء للطرف المضاد وانعكس هذا الفكر علي تصريحات بعضهم، و بعض تصرفات وقرارات
وأيديولوجية الحزب في الرغبة في السيطرة
علي كل المنافذ التنفيذية والتشريعية في الدولة وكأن لا أحد غيرهم شارك بدمه وماله
في تحرير مصر وعُذب مثلهم سابقاً!
ووقع مبارك في ذات الخطأ أيام الثورة عندما حاول تصويرها
للجميع علي أنها صراع مع جماعة الإخوان المسلمين فقط وحاول وأدها من خلال مفاوضات
مع الجماعة!
وبعد عام من تولي مرسي رئاسة الجمهورية قام هو
الآخر وجماعة الإخوان المسلمين بتكرار تمثيل المشهد ببراعة حيث حاولوا تصوير مظاهرات 30 يونيو والتي أطاحت بمرسي علي أنها مظاهرات للفلول والفاسدين من الشرطة وعناصر أمن الدولة المنحل
والعلمانيين، وتجاهلوا حقيقة أن الملايين الغفيرة التي ملأت كل ميادين ومحافظات مصر لم تكن أبداً لتنتمي لهذه التيارات فقط!
ويبدو أنهم بالغوا في تصديق ادعاءاتهم لدرجة أنهم أقنعوا قطاع عريض معهم بأن الصراع الحالي له قطبين فقط : قطب المسلمين وقطب العلمانيين برعاية الفلول وقيادات الجيش! وللدرجة التي أدخلوا البلاد فيها لصراع دموي مسلح لم تشهده طوال تاريخها السابق
كلا الطرفين- سواء نظام مبارك المنحل أو نظام الاخوان المنحل أيضاً - تجاهل البُعد الثالث، والكتلة المحايدة التي ينتمي لها أغلب الشعب والتي لم يكن صمتها سوي تأملاً في الأحداث لمحاولة فعل الصواب بناءً علي ما فهمته من طرفي الصراع... فهذه الكتلة لا تنتمي لأي حزب أو تيار....أيديولوجيتها الوحيدة ،وانتماؤها الوحيد هو مصر، وكانت هذه الكتلة هي قطعة " البازل " الناقصة لتكوين الصورة النهائية، وعندما اختارت المكان الذي توضع فيه أسقطت مبارك أيام الثورة وقلبت موازين الانتخابات الرئاسية السابقة رأساً علي عقب، والآن أطاحت بنظام الإخوان المسلمين الحاكم الذي حاول خلال عام كامل التغلل بطريقة سرطانية في كل منافذ الدولة ولم يبد اعترافاً بل واستهان بهذا البُعد الذي أهمله الجميع قبل ذلك إلي أن لقي نفس مصير من سب.
لذا وجب علي من سيُقدَر له إدارة هذه البلاد مُستقبلاً أن يبدأ في رؤية هذا البُعد المُهمل الذي اشتدت قواه تدريجياً إلي أن أصبح كياناً مؤثراً ومقرراً كي تكتمل الصورة التي نتمناها جميعاً لمصر
على الله يشوفوا بس يا "بنية آدم"
ردحذفنادرًا ما بتلاقي حد بيحط في حسبانه البعد الثالث مع أنه البعد الأكثر تأثيرًا "في صمت"
يعتبروا أن هذا الاتجاه بصفة عامة هو من الجهلة الغير مدركين والغير عاقلين والذين أكلهم الفقر متناسين نظرية المصداقية أمام أنفسهم في الحكم على الآخر
وأعتقد ان كتير من "حزب الكنبة" او "الأغلبية الصامتة" كما يسمونها هم من كانوا من اتباع حازم صلاح ابو اسماعيل ولذلك كنتي تجدي له شعبية كبيرة جدًا بين رجال الشارع وفي اعتقادي ان ازاحته من المسرح لم تكن فقط وليدة الصدفة على قدر ما كانت لعبة سياسية "هذا مع عدم تأييدي له" ولكنها خواطر ترد في مخيلتي
نورتي المدونة يا ايناس :)
ردحذفكلامك مظبوط وللأسف مافيش حد كان بيعطي اهمية للفئة الثالثة دي لغاية ما قلبت موازين الأمور
Thanks to topic
ردحذفشكرا لمرورك الكريم :)
حذفأزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفأزال المؤلف هذا التعليق.
حذفشكرا لمرورك الكريم
ردحذفشكرا لمرورك الكريم
ردحذف