"كاتبي العزيز لا أريد أن أعرفك ! " كانت هذه عنوان مقالة للكاتب الشاب ماجد القاضي وفيها كان يشكو أنه كلما أعجب بكاتب معين" وقادته الظروف للتعرف عليه بشكل شخصي عن قرب يصاب بصدمة بين الشخص الذي رآه من خلال الكتابات والشخص الذي رآه علي أرض الواقع فقرر ألا يحاول الاقتراب من أي كاتب يحترمه حتي يظل محتفظاً له بصورة طيبة!
لا أدري لم لا تزال هذه المقالة عالقة بذهني إلي الآن ....ربما لأنها تتعلق بنقطة حيوية ومحور هام في حياة كل منا: بالقدوة أو الرمز.
هذه الكلمة القليلة الأحرف، العميقة المعني والتأثير والتي تساهم سواء شئنا أم أبينا في تشكيل بعض أو أغلب جوانب حياتنا
القدوة سواء كانت في صورة كاتب أو معلم أو سياسي أو فنان أو عالم أو غيره هي رمز جسدنا فيه
أغلب قيم الفضيلة التي ننشد الوصول إليها ودوماً تكون آراء هذا الرمز، وكتاباته، وأفعاله
وكل ما يصدر عنه هو:
المرآة التي تعكس لنا صورنا التي نريد أن نكون عليها، ولسان حالنا الذي نعجز أحياناً عن التعبير عنه، والمصباح الذي ينير ظلام التيه في بعض أوقات حياتنا.
غير أننا ولا شعورياً نربط بين الرمز وبين القيمة التي يرمز إليها فيتوحد الإثنان في أذهاننا،
إننا إذ نقع في هذا الأمر نطلب من كائن بشري ضعيف أن يرتقي لمرتبة الملائكة وأن يعصم نفسه من زلات وخطايا البشر!
أعتقد أن دافعنا لفعل ذلك هو رغبتنا الشديدة في أن تتجسد القيم اللامرئية التي تمنيناها وتعلقنا بجمالها
في صور بشرية مألوفة، وعندها نرفض أي خطأ من هذا الشخص سواء تعلق هذا الخطأ بما يرمز إليه
أو في أي جانب آخر من الحياة لأن خطأه وقتها يكون -من وجهة نظرنا- إخلالاً بالقيمة ذاتها فنصاب
بصدمة كبيرة قد تفقدنا الثقة في كل الرموز وتعمق الشعور بنظريات المؤامرة والنوايا الخبيثة
وقد تؤثر سلباً علي حياتنا.
وربما لو فرقنا بين الإثنين -بين الرمز كإنسان يحمل صفات البشر وأهمها النقص وعدم الكمال، وبين
ما يرمز إليه كقيمة قد يستطيع الوصول إلي قمتها أو يتأرجح صعوداً وهبوطاً علي درجاتها أحياناً- ربما لو
فعلنا هذا منذ البداية لهوننا علي أنفسنا ما لاقيناه من صدمات ولقللنا سيل الاتهامات التي تصل أحياناً إلي
حد التخوين لرموزنا.
لابد أن ندرك جميعاً أننا مثل هذه الرموز، وأحياناً في لحظات الصدق مع أنفسنا قد نري من أنفسنا
تناقضات بين ما دعونا غيرنا لفعله وبين ما فعلناه بالفعل في مواقف شبيهة.
هل سألنا أنفسنا يوماً لماذا يحب أطفالنا الصغار أن نهديهم دمية؟ ولماذا كنا ونحن في أعمارهم نحب الدُمي
ونتعلق بها بهذا الشكل فنمنحها اسماً ونلعب معها ونحادثها أحياناً ونجعلها تنام في أحضاننا؟ هل تعرفون
لماذا هذا الحب والتعلق؟ لماذا كانت رمزاً للصداقة والوفاء لنا عندما كنا صغاراً؟ لأنها كانت لا تملك
القدرة علي الكلام ولا التعبير عن ذاتها ولم تكن لديها الفرصة لإظهار أي سلوك ، فلم نكن نري منها
إلا ما أردناها أن تكون عليه وفق عقولنا ووفق الصورة التي طبعناها لها في إدراكنا
وليس كلامي دفاعاً عمن يدعون للفضيلة بهدف مصالح دنيوية خاصة بهم ثم تتبدل أفعالهم عندما
تتبدل مصالحهم فهؤلاء لا يستحقون أن يكونوا رموزاً
وقد نوه القرآن الكريم لذلك في سورة الصف : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2)
كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ" صدق الله العظيم ويقول الشيخ الغزالي رحمه الله : "ليست قِيمةُ الإنسانِ فيما يَصِلُ إليه مِن حقائقَ، وما يَهتدي إليه
مِن أفكارٍ سامية.. ولكن أنْ تكونَ الأفكارُ الساميةُ هي نفسَه وهي عملَه وهي حياتَه الخارجية كما
هي حياته الداخلية" دفعني لكتابة هذه السطور حجم التشويه الزائد لرموز مصرية بدءاً بالرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي تحول فجأة في بعض خطب الجمعة لخائن وديكتاتور، ومروراً بالبرادعي الذي اتهموه بأنه لا يحترم التقاليد المصرية وبالعمالة ود.محمد غنيم رائد زراعة الكلي ومؤسس صرح طبي هام بمصر والذي اتهموه بالعلمانية وعدم الالتزام بالدين، ووائل غنيم الذي اتهموه بالماسونية وانتهاءاً بالعالم المصري د.أحمد زويل الذي اتهمه أحد العلماء الأفاضل علي صفحات الفيس بوك بإهدار الأموال في مدينته العلمية الجديدة وانهالت الاتهامات بعد ذلك من المتابعين لتصفه بأنه ينفذ مخطط ومؤامرة أمريكية لإخراج عقولنا الرائدة والمبدعة عن طريق هذه المدينة العلمية !!! أعتقد أن المشكلة ليست في كم هذه الاتهامات والتشويه للرموز ولا فيمن يطلقونها. المشكلة الأكبر تكمن في انتشارها بيننا و تطورها دائماً لتصل لحد الاتهام بالخيانة للوطن والدين والهوية وهذا بدوره إنما جاء كنتيجة طبيعية لما ذكرته سابقاً من عدم الفصل، ومع أول خطأ سواء فعلوه أو ألصق بهم ظلماً نزعنا عنهم كل فضيلة وألبسناهم رداء الشيطان. والآن هل سنعترف أن رموزنا بها جانب بشري قد يخطئ وأنها ليست تلك الدُمي التي كنا نلاعبها صغاراً؟!
كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ" صدق الله العظيم ويقول الشيخ الغزالي رحمه الله : "ليست قِيمةُ الإنسانِ فيما يَصِلُ إليه مِن حقائقَ، وما يَهتدي إليه
مِن أفكارٍ سامية.. ولكن أنْ تكونَ الأفكارُ الساميةُ هي نفسَه وهي عملَه وهي حياتَه الخارجية كما
هي حياته الداخلية" دفعني لكتابة هذه السطور حجم التشويه الزائد لرموز مصرية بدءاً بالرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي تحول فجأة في بعض خطب الجمعة لخائن وديكتاتور، ومروراً بالبرادعي الذي اتهموه بأنه لا يحترم التقاليد المصرية وبالعمالة ود.محمد غنيم رائد زراعة الكلي ومؤسس صرح طبي هام بمصر والذي اتهموه بالعلمانية وعدم الالتزام بالدين، ووائل غنيم الذي اتهموه بالماسونية وانتهاءاً بالعالم المصري د.أحمد زويل الذي اتهمه أحد العلماء الأفاضل علي صفحات الفيس بوك بإهدار الأموال في مدينته العلمية الجديدة وانهالت الاتهامات بعد ذلك من المتابعين لتصفه بأنه ينفذ مخطط ومؤامرة أمريكية لإخراج عقولنا الرائدة والمبدعة عن طريق هذه المدينة العلمية !!! أعتقد أن المشكلة ليست في كم هذه الاتهامات والتشويه للرموز ولا فيمن يطلقونها. المشكلة الأكبر تكمن في انتشارها بيننا و تطورها دائماً لتصل لحد الاتهام بالخيانة للوطن والدين والهوية وهذا بدوره إنما جاء كنتيجة طبيعية لما ذكرته سابقاً من عدم الفصل، ومع أول خطأ سواء فعلوه أو ألصق بهم ظلماً نزعنا عنهم كل فضيلة وألبسناهم رداء الشيطان. والآن هل سنعترف أن رموزنا بها جانب بشري قد يخطئ وأنها ليست تلك الدُمي التي كنا نلاعبها صغاراً؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق