الخميس، 1 سبتمبر 2011

مجرد قلم؟!

إذا كان هناك مخلوق له علينا حق الشكر والامتنان فهو بلاشك القلم.
عندما يضيق صدرك ولا ينطلق لسانك بالكلمات،
وتتراكم علي ذهنك الأحداث،
فيزداد ضغط مشاعرك،
وتوشك أن تنفجر....
يأت هذا الخل الوفي،
ليمسك بأناملك،
ويعبر بها بأمان أمواج الفكر المتلاطمة،
فتستحيل خواطرك المتناثرة المضطربة إلي نسيج محكم متجانس،
وتتمكن عندها من سبر أغوار نفسك الانسانية ،
فتتحطم الصورة الهلامية وتستبدل بكيان حقيقي ملموس واضح المعالم.
عندما تضعف أو تتلاشي حاسة السمع وفضيلة الانصات فيمن حولك،
وتجد نفسك محاطاً بسياج عالِ من الضوضاء،
يأت هذا الصديق الهادئ،
لينصت في صمت لأنينك الداخلي،
ويفتح لك باباً وسط هذا السياج كي تتمكن من الخروج و التحليق في سماء التأمل.
عندما يتمرد من حولك ،
وتتمرد عليك نفسك،
تجده الجندي الوحيد في الكتيبة الذي لا يزال ممسكاً براية الولاء لك،
أينما توجهه يأت بما تريد.
عندما نسير طويلاً علي شطئآن الحياة،
وتمحو رياح وعواصف الزمن آثار أقدامنا،
يقف القلم في موضع كل أثر ليخبر الجميع :
أنا مررنا هنا يوماً في فجر الزمان!
أيها القلم : شكراً

الأحد، 24 يوليو 2011

طي النسيان!

بعض الأعمال الأدبية من كتب وروايات أو حتي التليفزيونية تجبرنا علي التوقف أمامها فنجدها لا تمر علينا مرور الكرام ربما لأن
مضمونها قد مس شيئاً عميقاً بداخلنا سواء عن قصد من الكاتب أو المؤلف أو المخرج أو بدون قصد.
أحد هذه الأعمال هو فيلم أمريكي يحمل اسم
(The forgotten)
أو المنسِي وهو فيلم خيالي تدور أحداثه باختصار حول مجموعة من الكائنات الفضائية متمثلة في صورة بشر أرادوا دراسة حياة البشر
وطبيعة عواطفهم وعلاقاتهم الانسانية فقاموا باختطاف عدد كبير من الأطفال من أهليهم وفعلوا شيئاً بحيث استطاعوا أن يمحوا ذاكرة
الأهالي المتعلقة بأبنائهم فنسي كل أب وكل أم أنهم كان لديهم يوماً هذا الطفل ! إلا أم واحدة بعد أن نست طفلها عاودتها الذاكرة شيئاً
فشيئاً لتتذكر ابنها وتفاصيل حياته معها والذكريات التي جمعتهما في أحسن اللحظات وقررت أن تقاتل وباستماتة من أجل ايجاده وفي
نهاية الفيلم عندما اقتربت للغاية منه حذرها المختطفون كثيراً ووقف أحدهم يقول لها: فقط انسيه وسيكون كل شئ علي ما يرام ولن
تعاني أنت ولا هو ... وتصر الأم علي عدم الاستسلام رغم ما سببه لها ذلك من مشاكل وإيذاء فلم يجد المختطف بداً من أن يبدأ بمحو
ذاكرتها فيسألها ما اسمه ؟ فتجيبه فيتابع الأسئلة : ما لونه المفضل ؟ متي عيد ميلاده ؟ إلي غير ذلك من الاسئلة ومع كل سؤال كانت
تشعر بأن ذاكرتها تتشوش ولم تعد تتذكر أغلب التفاصيل عن ولدها وهنا تصرخ وبكل قوة : أرجوك لا تفعل هذا بي. وتقاوم وتقاوم
كي لا تنمحي ذكرياتها وفي النهاية ومع اصرارها يأس هذا الشخص وعادت لها ذاكرتها وعاد كل الأبناء المختطفون إلي أهليهم
لينتهي الفيلم بنظرة من المختطف للأم تجمع بين الحيرة والتقدير تتساءل في طياتها عن ماهية هذه الأم المختلفة التي استطاعت
الصمود رغم كل هذا دفاعاً عن ذكرياتها.
في أوقات كثيرة يطلب منا البعض أو الحياة أن ننسي أفضل ذكرياتنا ونعتبرها فقط جزء من الماضي حدث لوقته وانتهي وعندما
يُطلب هذا الطلب فإنه يكون بمثابة طعنة تتوجه إلي إنسانية كل منا ، فأهم ما يميزنا عن غيرنا من الكائنات هو المشاعر ...مشاعر
الحب والرحمة والكره والحزن والأمل واللهفة والتمني وغير ذلك ...مشاعر خلقتها ذكريات كل منا مع أماكن وشخصيات سواء
أحببناها أو كرهناها ...لا يهم ..المهم أن هذه الذكريات تظل هي الجنة التي نفر إليها أحياناً من نيران الوحدة
وهي الماء العذب التي نروي به ظمأ الحنين.
وهي مصابيح النور التي تنير ظلام الافتقاد.
وقد تكون متنفسنا ولو لبعض الوقت نستشق فيها بعض الهواء النقي إذا افتقدناه في حاضرنا.
إنني أعجب ممن يطلب منا أحياناً أن ننسي ، ولا نظهر تأثراً لفقدان أو مفارقة ولا نشعر بالافتقاد أو الحنين ونكون فقط كإنسان آلي
معدم المشاعر يستسلم في صمت لمرور الزمان ويسلمه في تهاون أجمل اللحظات وأفضل الذكريات وأجمل الأماني من أجل فقط أن
أنها أصبحت جزء من الماضي ، ولست أنادي بالثبات في عالم الماضي وعدم التحرك نحو المستقبل أو عيش الحاضر فمن يفعل ذلك ليس بعاقل أيضاً
لكن هناك أشياء وأمنيات وأشخاص وأحداث في الماضي حتي وإن تجاوزناها بأبداننا فمن حقها علينا أن تظل راسخة في قلوبنا
وذاكرتنا إكراماً ووفاءً لهذه الأماكن والأماني والأحلام أو الأشياء أو حتى الأشخاص كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم مع زوجته
خديجة رضي الله عنها إذ ظل يذكرها حتي بعد وفاتها بوقت طويل ، ويكون من الإجحاف أن يطالبنا البعض بمحوها تماماً وكأنها لم
تكن !

الاثنين، 11 يوليو 2011

لعادوا !

ربما لم يكن الموضوع الأساسي لحديثي مع إحدي الصديقات متعلقاً بمبارك أو غيره ولم تكن النية هي التعمق في أي شأن سياسي إلا أن جملة قالتها عفواً استوقفتني كثيراً.

كان حديثنا متمركزاً حول أن الشعب بعد الثورة يريد وجوهاً جديدة ليشعر بأن هناك تغييراً قد حدث بالفعل سواء كان ذلك علي مستوي انتخابات الرئاسة أو مجلس الشعب أو النقابات أو قيادات الجامعات أو غير ذلك

فقالت: ولكن ألا يتغير الناس بتغير الظروف المحيطة؟ أري أن حتي مبارك وحزبه لو عادوا الآن بعد الثورة فمن المؤكد أن تصرفاتهم وسياساتهم ستتغير كثيراً وبناء علي ذلك فما المانع من أن نمنح أي وجه قديم الفرصة لتغيير تصرفه تبعاً للمستجدات حوله الآن؟

قاطعتها بحسم : لا، لن يتغيروا . ولا أدري لم تذكرت الآية الكريمة : بسم الله الرحمن الرحيم :" بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون" سورة الأنعام 28

في اعتقادي أن هذه طبيعة بشرية نشترك فيها جميعاً وليس الطغاة والديكتاتوريين فقط :دوماً نعتقد أننا لو عدنا لما منع عنا فسنتصرف فيه بشكل مثالي ولن نقع في الخطأ . لكن هذا ليس صحيحاً بالمرة ... إذا عدنا فسوف نحاول إثبات أننا لم نكن علي خطأ حتي نهرب من تأنيب ضمائرنا ،وتدريجياً سنعود لما كنا عليه وربما أسوأ لأن وقتها قد نلجأ للانتقام ممن أرونا من أنفسنا ما أنكرنا دوماً أنه فينا لأنه لم تكن لدينا الشجاعة الكافية لتحمل ألم مواجهة الذات .

وليس معني كلامي أنه لا مجال لتغيير السلوك الإنساني و إلا لما كان هناك الندم والتوبة .ولكن هذا يحدث فقط عندما يكون الشعور باقتراف الذنب نابعاً من ضمائرنا ، عندما تكون نية التغيير نابعة من الداخل للتخلص من ألم الذنوب وللتخلص من بشاعة صورتنا التي رأيناها في مرايا الصدق والتجرد ولو للحظات .عندها فقط نستطيع القول بأن الشخص من الممكن أن يتغير ليتخلص من هذه المشاعر ولينعم بسكينة التطهر .

والفرصة لفعل ذلك بصدق مرهونة بوقت محدد وعلامة فاصلة قد يجدي التغيير قبلها نفعاً أما بعدها فلا قيمة لأي ادعاء بالتغيير.وهذا ما قاله الحديث الشريف:" إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" . لأن بعد هذه اللحظة لن تكون إرادة التغيير نابعة عن اقتناع بل ستكون للتخلص من العواقب مثلما قال فرعون وهو يغرق : "وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً حتي إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين * ( آالآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين. سورة يونس 91

أما عندما تنكشف العورات أمام الجميع فهذا ليس بالأمر الهين لمن اعتاد الكبر دوماً ولم يعترف يوماً بأنه ارتكب أي خطأ في حق نفسه أو ربه أو بلده أو غير ذلك ووقتها تكون الرغبة في نفي تهمة الخطأ أكبر من محاولة فعل الصواب لأن ألم انكشاف العورات والانهزام أمام الملأ أكبر بكثير من ألم رؤية الصور المشوهة أمام الضمائر.

لذا لو لم يتغير الداخل عن قناعة

ولو لم يتجرع الآثمون مرارة الشعور بالإثم فصدق القرآن في وصفه:

لعادوا.

والآن ..هل تصلح هذه النظرية لتفسير " كلاكيت .....مرة " الذي تعرضت له مصر بعد الثورة في ماسبيرو ومحمد محمود والتحرير وشارع مجلس الوزراء؟

الجمعة، 20 مايو 2011

ضحكات شمعية!

لم تكد ليلتي الثالثة تمر في هذه الغرفة بعد عملية جراحية طويلة حتي رأيتها بوجهها الأسمر الباسم الذي تبدو عليه علامات الإرهاق واقفة أمامي تعرض مساعدتي في النهوض لتناول العشاء الذي ظل قابعاً في مكانه لساعات. أومأت بعيني مبتسمة ويبدو أنها كانت قد أنهت ما أسند إليها من مهام بعنابر وغرف المرضي فجلست إلي جواري تحاول أن تخرجني من حالة الألم والقلق والوحدة .

لم تمض سوي دقائق معدودة قبل أن تنجح في جعلي أضحك وبشدة من فرط روح السخرية والتنكيت " والمرح التي تمتلكها .تكررت زيارتها لغرفتي بحكم عملها بالمستشفي وتكررت أحاديثها الممتعة وتعليقاتها الأكثر متعة للدرجة التي كانت تدفع كل من بالقسم من مرضي وممرضات للضحك بمجرد رؤيتها،وللدرجة التي كنت أشعر معها بالألم الجسدي أحياناً من فرط الضحك!

في إحدي الليالي وبعد أن عرفت بعضاً من تفاصيل حياتها المؤلمة بكل ما تحويه الكلمة من معني وجدت نفسي أتساءل هل تحترق الشمعة لتضئ؟ أم تضئ لتخفي آثار احتراقها وتظل صامدة منيرة بكل كبرياء حتى آخر ذرة منها؟ وقتها أدركت أن سخريتنا التي نشتهر بها كمصريين وضحكاتنا لم تكن في كثير من الأحيان سوي ضحكات شمعية!

مجرد حالة!

أحياناً نتعلق بشئ رسمناه في خيالنا ووضعنا له مواصفات الكمال وأقنعنا أنفسنا بأن سعادتنا مرهونة بتحقيقه

وكل يوم يزداد تعلقنا به ، وفي خضم الأحداث نتناسي أنه لم يكن إلا مجرد" حالة" خلقناها في أذهاننا

وأخذنا نكررها حتي توهمنا أنها حقيقة ، و ننسي أن هذا الشئ يختلف كثيراً في حقيقته المجردة وصورته الواقعية

التي فضلنا أن نغض الطرف عن تقييمها بحياد واقعين في ذلك تحت تأثير هذا التعلق والرغبة في ايجاد الفردوس المفقود

في حياتنا ، وبمرور الوقت نكتشف أننا أضعنا وقتاً طويلاً تحت هذا الأسر ، وعندما نكون مطالبين بفك القيود

والتحرر من إمرة هذا التعلق تتملكنا مشاعر متضاربة بين: الحزن علي قصور من التمني بنيناها في الهواء ،وبين بقايا آمال

تأبي أن تغادرنا ربما تستمد قوتها من هذه السعادة التي كان يمنحنا إياها مجرد مرور هذا الشئ علي أذهاننا...

فنكون وقتها مثل المدخن المدمن عندما يكون مطالباً بالإقلاع يكون مشتتاً بين نوعين من المشاعر : نوع يحثه علي الإقلاع

من أجل بدأ حياة جديدة والتخلص من أسره وقيوده ، ونوع يطالبه بالاستمرار خوفاً من فقد السعادة التي كانت تعطيه

إياها سيجارته!

لعل هذا الموقف هو الوحيد الذي تلام فيه الضحية لا الجلاد لأننا ببساطة من اختار وبملء إرادته أن تلف القيود

حول عنقه لأننا كنا نراها عقوداً من اللؤلؤ لا قيوداً ستكبلنا في حياتنا .

الأربعاء، 23 مارس 2011

فلتسقط "الجزرة" !!

منذ صغري وأنا أسمع مصطلح " العصا والجزرة" يتردد كثيراً وفهمت فيما بعد أن هذه سياسة يستغلها
كل ديكتاتور أو دولة عظمي لإرغام الآخرين علي تنفيذ
ما يريد فيغريهم بالحصول علي الجزرة إن نفذوا ما يريد وإن أبوا ضربهم بالعصا وإن لم تعجبهم الجزرة
ضربهم أيضاً بالعصا !وقد يختلف الأسلوب قليلاً فيجعل الجزرة معلقة كما بالصورة كي تكون بعيدة المنال
مهما فعلوا .
وإن صح أن نطلق علي هذا العصر اسماً فأعتقد أن "عصر الجزرة "ربما يكون تسمية مناسبة !
أثناء الثورة المصرية كان الحزب الحاكم يخيرنا ما بين الاستقرار-ولو علي الفساد والظلم- (الجزرة)
والفوضي (العصا) .
ولعلنا نري هنا أن الجزرة لم تعد منحة سنفوز بها إذا فعلنا ما يطلب منا...لا...لقد تحولت إلي شئ جميل
لا نستطيع الاستغناء عنه يتم تهديدنا بفقدانه!
و لكن يبدو أن طول المكث مع هذا النظام قد أكسبنا نفس النهج في التفكير!
فبعد الثورة وقبل الاستفتاء الأخير كانت هناك دعوات لقول :نعم لا لشئ إلا لعودة الاستقرار سريعاً
وقد انجذب العديد لهذا الرأي رغم عدم اقتناعهم بقول نعم ربما.... لماذا؟ لأنهم يخافون أو علي الأصح
تم تخويفهم من عودة الفوضي (العصا). إذا كان النظام السابق قد استخدم العديد من الفزاعات مثل فزاعة الإخوان وفزاعة الفوضي وفزاعة ايران
لقمع الثورة فأري أنه تم استخدام فزاعة الفوضي وفزاعات أخري بعد الثورة .
ونحن عادة نخاف من الفقدان الوهمي للجزرة فنقع في الفخ كثيراً ليبقي الاستقرار هو الجزرة التي يتم
تعليقها لنا دوماً باختلاف الأشخاص والظروف.
وقد تتخذ أشكالاً أخري غير الاستقرار لكن في النهاية
تبقي ...جزرة!
وأري أن هذه السياسة تستخدم حتي في العديد من المواقف علي مستوي العلاقات الشخصية ربما
وعلي مستوي الأفراد العاديين في حياتنا اليومية ، فكثيراً ما حاول أحد الأشخاص أن يجبرنا علي فعل ما
يريد
وقد يكون نجح في اقناعنا بفعله عن طريق تصويره لشئ هام في حياتنا لا نستطيع الاستغناء عنه بالجزرة التي سنفقدها
إذا لم ننصاع لأوامره!
ومما يساعد دوماً علي الوقوع في هذا الفخ هو الخوف غير المبرر الذي سواء كهذا الذي ينتابنا حالياً
من كل آخر
في مجتمعنا ، أو الخوف ممن ينتهج هذه السياسة بالدرجة التي تصور إلينا أنه يستطيع فعلاً أن
يحرمنا من الجزرة!
ولا أتحدث هنا موقف من يتبع معنا سياسة الجزرة بل أتحدث عن موقفنا المفترض بنا
اتخاذه نحو هذه السياسة.
لذا أقترح أن نتبني حملة لمقاطعة ...الجزر !!

الجمعة، 18 فبراير 2011

فيروس متحور ...بعد لعنة الفراعنة...لعنة المؤامرة!!

ربما يرتبط اسم مصر لدي البعض بلعنة الفراعنة ، وما بين معتنق للفكرة ومستهزأ بها تبقي حقيقة أن
مصر بلد من طراز خاص وفكر بعض أهلها أيضاً أصبح من طراز خاص! وبما أن مصر تستطيع استيعاب كل الأجناس والحضارات والديانات، فقد اتضح أيضاً أنها تستطيع استيعاب
كل اللعنات!
فبعد لعنة الفراعنة طفت علي السطح وبشدة هذه الأيام المتواكبة مع الاحتفال بنجاح الثورة المصرية لعنة ربما
لا تكون جديدة اسمها :"المؤامرة".
ووجه الشبه بينهما كبير ففي لعنة الفراعنة ...هناك اعتقاد راسخ بأن كل من دخل مقبرة فرعونية ثم حدث له حادثاً مأساوياً بعدها فإن أرواح الفراعنة هي التي وقفت وراء ذلك وتسببت فيه،
أما في لعنة المؤامرة فهناك يقين من البعض بأن كل محاولة للتغيير يقف وراءها جهات خارجية لها أهداف خفية. لم تكد الثورة تكمل أيامها الأولي حتي ظهرت الشائعات بأن الشباب في ميدان التحرير عملاء لجهات خارجية تريد زعزعة الاستقرار
بمصر وكأن العالم كله لم يعد هناك ما يشغله سوي إسقاط نظام مبارك الذي لا يؤرقهم أصلاً بل ربما استفادوا من
وجوده كثيراً.
ولم يكن مستغرباً أن يستخدم النظام السابق هذه الحيلة لإجهاض الثورة فهذا بالنسبة لهم إحدي الوسائل الدفاعية
لكن يحسب لهم أنهم نجحوا وبشدة في اختيار الطريقة. لقد أجادوا استغلال مرض متغلل في الثقافة المصرية اسمه المؤامرة دسوه لنا في كل فيلم أو مسلسل
وفي الأحداث الإرهابية الأخيرة بمصر.
وبالتالي فقد نجحوا في استمالة فئات كثيرة من الشعب تشككت كثيراً في نوايا الثورا وفي ماهيتهم طوال الثورة. وما بين خوف من تآمر الإخوان ،وخوف من تآمر إيران وخوف من تآمر سكان المريخ ربما !
انهالت الاتهامات من كل حدب وصوب وأصبح "الفيس بوك" ساحة حرب كلامية ما بين مؤيدي الثورة والخائفين من المؤامرة!
ما أضحكني بشدة هو آخر ما رأيته إلي الآن من هجوم عنيف علي "وائل غنيم" الذي فوضه عدد كبير من الشباب للتحدث باسمهم وبدأت الاتهامات الموجهة له علي الفيس بوك تتهمه بالعمالة وبأنه يرتدي ملابس عليها علامات ماسونية!
وبأنه مخادع وبأنه عندما كان يبكي في برنامج العاشرة مساءً لم تنحدر منه دمعة واحدة إلي غير ذلك من الأشياء المضحكة والمبكية
معاً في آن واحد والتي وصلت لتأسيس جروب علي الفيس بوك شغله الشاغل اثبات أن وائل غنيم عميل!
إن كان هذا الكلام يصدر عن فلول النظام السابق فليس مستغرباً وربما لم أكن لأهتم به أصلاً لكن المثير في
الموضوع أن هذا الكلام يتداوله أشخاص نحترمهم ولم يكن لهم علاقة بالنظام السابق بحيث تحولوا لأكبر مروجين لنظرية المؤامرة. لست بصدد الحديث عن وائل غنيم كشخص فالذي أؤمن به هو أننا لسنا شعباً أحمقاً كما أن الفترة الحالية
لا تحتمل محاكمة النوايا ولا "الشخصنة" أكثر من ذلك.
لا تحتمل أن يكون شغلنا الشاغل في أحاديثنا ونقاشاتنا الآن هو:"هل وائل غنيم وطني أم عميل؟ ...هل مبارك
طيب أم شرير؟
هل أخطأ أم من كانوا حوله هم السبب؟...هل ننضم لجروب :"سامحنا ياريس"
أم جروب:"أنا مش آسف ياريس"! الفترة الراهنة تحتاج تضامننا جميعاً للعبور بمصر إلي بر الأمان...تحتاج أن نكون أكثر نضجاً وترفعاًعن
إهدار الوقت في مثل هذه الترهات
ولا عذر لأحد في هذا إلا أن نكون قد توارثنا فيروس" لعنة المؤامرة" الذي ربما يكون قد تحور وتتطور
من فيروس" لعنة الفراعنة "ونأمل أن يفلح معه عقار :"التاميفلو" !

السبت، 12 فبراير 2011

أخيراً نتنشق الحرية!

للمرة الأولي يسعد الجيل الحالي بأي انتصار.
وأي انتصار!
جيلنا لم يشهد فرحة أكتوبر 73
شهدنا فقط غرق العبارات واحتراق القطارات وتفجيرات الكنائس وتزوير الانتخابات
شهدنا اعتقال الأبرياء بفعل قانون الطوارئ وهروب المجرمين الحقيقيين خارج البلاد ...شهدنا الاحتكار والفساد والرشوة ،
وغرق الشباب علي شواطئ أوربا.
شهدنا مجازر غزة وحصار غزة وسقوط العراق وفضيحة أبو غريب وجوانتانامو واحتلال أفغانستان.
شهدنا كره العرب لنا بفعل مواقف رؤسائنا.
شهدنا صفر المونديال.
اليوم فقط تنقلب الأمور
أول نصر يمر علينا .
هواء الحرية له مذاق مختلف .
للمرة الأولي أعتز وأفخر بأنني مصرية
وأري العالم كله يفخر بانتصار ثورة الشعب
لأول مرة أري بريطانياً يقول : كلنا مصريون !
وأمريكياً يقول لقد تعلمنا من المصريين!
ولأول مرة أري الوحدة العربية تعود ويفرح الجميع في الدول العربية بالنصر المصري.
حقاً مهما فعلنا فلن نوفي الشهداء وكل من صمد في هذه الثورة لن نوفيهم جزءاً صغيراً مما يستحقون.
رحم الله الشهداء وحفظ مصرنا ووفقنا جميعاً للعمل من أجلها.
اليوم فقط أستطيع أن أحلم .
وتحيا مصر .
فيديو أغنية :صوت بلادي.