الأربعاء، 29 سبتمبر 2010

بين الأبيض والأسود ...الفردوس المفقود!

أتذكر هذا الفيلم الكوميدي للممثل المصري عادل إمام "الإرهاب والكباب"
أتذكره وهو يحتجز الرهائن ومن بينهم شخصاً كلما تذمر من أمر ما يقول: "في أوربا والدول المتقدمة......."
بالطبع عندما انتقلت للواقع وجدت أن أكثرنا يردد هذه العبارة أيضاً وإن لم يكن بشكل صريح بحيث بتنا موقنين بأن الغرب
هو المدينة الفاضلة التي يتحقق فيها الكمال في كل المجالات !
كلنا دوماً يرسم صورة لشئ ما ويقنع نفسه بأن فيه الخلاص من كل القيود والأعباء وبأنه الكنز المفقود و الفردوس الضائع الذي لو دخلناه لتذوقنا السعادة الكاملة التي نقنع أنفسنا دوماً بأنها تكمن في شئ لازلنا لا نمتلكه.
منذ عدة أيام شاهدت برنامج " أوبرا وينفري" وكانت تعرض فيه تقريراً عن فيلم وثائقي " waitng for superman"
ويتحدث عن بداية تدهور التعليم الأمريكي وبأنهم أمة أصبحت في خطر لبداية تدهور التعليم وبأنهم يحتلون مراتب متأخرة وسط العالم المتقدم في الرياضيات والعلوم وغيرها.
طبعاً انتابتني حالة ضحك هستيري وإذا كنت عربي أو مصري ستعرف مم الضحك!!
المهم ذيل التقرير بأن المسؤولين أخذوا خطوات جادة للنهوض بالتعليم وحل المشكلات التي صادفتهم وأدت لتدهوره.
ليس هذا هو المهم وليس المقصود هو الحديث عن الغرب ولكن المقصود هو
أنني وجدت البلد الذي رسمنا صوراً ذهنية له بأنه "الفردوس المفقود" يعاني من المشكلات أيضاً!
ولكنهم عندما عانوا من المشكلات علموا أن هذا أمر طبيعي وفكروا في حلول
ولم يفكروا بطريقة " ما هي خربانة خربانة!!!"
أو بطريقة" ياسيدي أنت في مصر ...أنت فاكر نفسك في أمريكا؟!"
خلاصة القول أننا في حاجة لأن نغير نظرة الأسود والأبيض
وأعتقد أننا نحتاج ذلك في بيئتنا العربية بشكل أكبر بحيث بات أغلبنا كشباب
موقناً بأن كل شئ في بلادنا حالك السواد ولا يوجد ما هو جيد فيها
وبأن كل شئ في الغرب ناصع البياض
إن هذه النظرة إلي الأمور عندما تستحوذعلي تفكيرنا لا ينتج عنها سوي الألم والكآبة
لأننا ربطنا السعادة بما لم نمتلكه وسلمنا بأن ما لدينا لا يمكن إصلاحه ولا الاستفادة من أي جانب مضئ فيه
لابد أن نغير نظرتنا إلي أن السعادة والكمال يكمنان فيما لم نمتلكه
فلو امتلكنا ما منع عنا وتمنيناه سنري فيه ما لم نره قبلاً من شوائب السواد
التي تعكره...نحن فقط لا نراها لأننا لا نريد أن نراها
ولست أقصد بكلامي ألا نتطلع للجيد والأفضل
ونحاول الوصول إليه.
بل أقصد أن نحاول الوصول بما في أيدينا لصورة أقرب إلي الفردوس الذي تخيلناه
بأذهاننا وتوهمنا أننا لا يمكننا الوصول إليه إذ أنه محدود بحدود الزمان والمكان والأشخاص
كم من مرة ظننت أن السعادة في وظيفة معينة حرمت منها ثم وجدت من حظي بها
يتذمر من أشياء لم ترها فيها قبلاً!
فالأبيض لابد أن تشوبه علامات الاتساخ يوماً
والأسود قد يتخلله اللون الأبيض
والمهارة تكمن في الاعتراف بوجود اللونين
في كل بلد
وفي كل انسان
وفي كل وظيفة
وفي كل شئ
إذ لا وجود فعلي للفردوس علي الأرض
بل هو موجود بشكله الكامل في الحياة الأخري في أعلي درجات الجنة.

هناك 4 تعليقات:

  1. تدوينة عميقة.. تبث الأمل.. وتضع النقاط فوق الحروف.. وتدعو لإعادة التفكير من قبل البعض..

    ------------------------
    لي عتاب على قلة تدوينك.. أعتقد أن مدونتك لها نفس العتاب.

    ------------------------
    دمتِ سالمة.

    ردحذف
  2. أهلاً بحضرتك يا أ.ماجد
    شكراً جزيلاً علي مرورك العطر الذي يشرف المدونة دوماً
    وأعتذر لكل المتابعين عن قلة التدوين لكن ليس دائماً تطاوعني الكلمات للتعبير عما أريده.

    شكراً لمشاركة حضرتك مرة تانية أ.ماجد.

    ردحذف
  3. تدوينة حلوة قوي صادقة وشفافة ومنطقية وفعلا فيها ما يحث على التفاؤل

    اعنئك على الاسلوب الرائع يا اميمة
    انا غبت كتير عن مدونتك ولكن عدت فوجدت نضج ورؤيا عميقة واسلوب راقي ومؤثر

    ردحذف
  4. شكراً يا وسام لمرورك نورتي المدونة يا حبيبتي

    ردحذف