السبت، 4 سبتمبر 2010

أين المعلم؟!

لعل واحدة من أهم مشكلات جيلنا الحالي أنه يفتقد للمعلم!
لا أقصد المعلم الذي يجلس أمامه التلاميذ في الفصل ليشرح لهم المقرر ويطالبهم بعمل الواجب المنزلي
ولا أقصد أستاذ الجامعة الذي يجلس أمامه الطلاب في المدرجات يعانون الحر والإرهاق من ازدحام يومهم
الدراسي ليخبرهم ببعض المعلومات العلمية والنظريات التي من الممكن ان تكون تغيرت وحل محلها نظريات
أخري لكن لا نزال ندرسها لأن تعديل المنهج يحتاج لتغيير لائحة الكلية!
فإذا كان معلم المدرسة أو أستاذ الجامعة بهذا الشكل فالأفضل والأدق أن نمنحهم لقب " المدرِّس".
ولكنى أعتقد أن لفظة المعلم أعمق بكثير وشاملة لمسؤوليات أكبر،، لذلك فكل معلم مدرس وليس العكس!
من النادر أن تجد من تنطبق عليه صفات المعلم ومن الأندر أن تجد من يلعب دور "المعلم" في حياتك.
لدي قناعة بأن كل منا يحتاج لمعلم في حياته ودوره يكمن في أن يغرس فيك العلم(بمعناه الواسع) ويعرف
قدراتك ويخرج منك أفضل ما لديك.
دوره يكمن في أن يشعرك بأنك انساناً وأهم ما يميزك هو العقل.
دوره يكمن في أن يجعلك تفكر وتناقش.
دوره أن يعلمك القيم .
دوره أن يجعلك مبصراً أكثر بذاتك وبمواهبك وكيف تستغلها.
دوره أن ينير لك الطريق إذا اشتد الظلام من حولك .
غالباً ما نشعر باحتياجنا للمعلم إذا أصبحنا شديدي الحيرة وهذا هو حال الغالبية من الشباب الآن.
الوضع أصبح شبيهاً بطريق مظلم به العديد من الحفر التي تهلك كل من يسلكه ثم جاء شخص ومعه
مصباح لكنه لم يعلم أنه يمتلكه ولم يجد من يعلمه يوماً كيف يضيئه !
الطريق والحفر يجسدان تحديات و مشاكل الحياة والشهوات والفتن ،،، والمصباح هو ما نمتلكه بداخلنا
من كنوز أودعها الله فينا كي نقاوم ذلك كله،،، قد يكون الإيمان
قد يكون المواهب والقدرات
قد يكون قوة الارادة
قد يكون العلم بأحوال السابقين وكيف نتجنب أخطاءهم لننجو.
أحياناً كثيرة نحتاج لمن يذكرنا بأننا نمتلك المصباح والأهم أن يعلمنا كيف نضيئه وكيف نمنع
انطفائه بفعل الرياح!
وهنا يكمن دور المعلم الحقيقي.
في عصرنا هذا قد نستقي المعلومات من أي مصدر لأن الحاجة للمعرفة طبيعة بشرية متأصلة
وغالباً الأقرب هو الشبكة العنكبوتية
تجد بعضاً من الشباب ممن لم يجد المعلم في حياته يستقي معلوماته الدينية من الانترنت وغالباً
ما ينجرف أغلبهم لتيارات الارهاب والتطرف الفكري والديني والتكفير وربما الوهابية أو الشيوعية
أو العلمانية لأنه أصبح صيداً سهلاً لأفكار مسمومة .
لو وجد هذا الشباب معلماً حقاً ما اضطروا لأخذ النت شيخاً لهم!
هذا مجرد مثال وفي حياتنا المعاصرة أمثلة عديدة لا يتسع المجال لحصرها ولكن لا مانع من
ذكر هذا المثال أيضاً:
فكثيراً ما تطالعنا الصحف بأن مجموعة من الشباب قرروا أن ينضموا لجماعات لها افكار شاذة كعبدة الشيطان
أو كمن يفعلون طقوساً غريبة كسماع موسيقي غربية صاخبة وووضع أوشام معينة واطالة الشعر وجعله
يخفي وجوههم إلي غير ذلك من الأشياء التي تنذر بفقدان عنصر مهم من الأمة لضياع دور المعلم.
الانبياء كان لهم معلم ،،،كان جبريل يتنزل عليهم وكان يدارس نبينا عليه السلام القرآن.
الفلاسفة كان لهم معلم،،، أفلاطون كان يدارسه سقراط.
كل العظماء كان لهم معلم،،،الاسكندر المقدوني كان له معلم.
محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية كان له معلم شجعه علي أن يكون القائد الذي أخبر النبي عنه أنه
يفتح القسطنطينية .
الأئمة في الفقه كان لكل منهم معلم يطلب العلم علي يديه.
قديماً كان هناك ظاهرة "الكتاب" بضم الكاف وتشديد وفتح التاء كان يذهب إليه الطفل ليحفظ القرآن
علي يد شيخ "معلم".
في هذا العصر سر نجاح بعض المجددين أنهم يلعبون دور المعلم الذي يستمع لتلميذه ويتواصل معه
ويشجعه علي أن يستغل مواهبه وقدراته
في مواجهة الحياة ومن أمثلتهم "عمرو خالد" علي سبيل المثال ولست بصدد أن أتناقش مع احد حول
اتفاقه أو اختلافه علي شخصيته ولكن لننظر إلي جانب معين انه استطاع أن يلعب دور المعلم ويتواصل
مع الشباب عن طريق الشبكة العنكبوتية وأحياناً بشكل شخصي واستطاع بالفعل ان يخرج من الشباب
أفضل ما لديهم وتواصلهم معه بهذا الشكل دليل علي عطشهم للمعلم .
لم أكتب هذا الموضوع لأن عندي حلاً اطرحه ولكنه كتبته لأقول:
حقاً متعطشة لمعلم!

هناك تعليقان (2):

  1. اتفق معك عزيزتي فيما قلتي .. فدور المعلم أصبح دور مهمش ثانوي .. لم يعد كما كان .. فقبيل سقوط الخلافة العثمانية كان التغريب قد وضع المعلم المسلم على رأس القائمة لأنهم يعلمون أن دوره مؤثر في الأجيال القادمة .. وهم أرادو أجيال مهمشة فقاموا بتهميش دور المعلم!!

    ردحذف
  2. شكراً لاضافتك القيمة
    بالفعل يلعب المعلم دوراً هاماً
    في نهضة أي أمة
    لكن المشكلة الآن لا تكمن فقط في تهميش دور المعلم بل في ندرته أيضاً .
    شكراً لمرورك مرة أخري ومشاركتك القيمة.

    بنية آدم

    ردحذف