الحياة ما هي إلا طريق ورحلة وخلال هذه الرحلة نحاول دوماً أن نفهم هذه الحياة...هذه المدونة محاولة لفهم وتحليل جوانب من حياتنا و مجرد تعبير عن رأيي الذي يحتمل الصواب أو الخطأ.
كم أحب هذه الكائنات الرقيقة
خصوصاً الطيور البيضاء
مثل الحمام الأبيض
عندما تحلق شامخة
في الفضاء الفسيح
لونها الأبيض يعكس دوماً صفاءً داخلياً
ينتقل إليك بمجرد النظر إليها
دوماً مشاهدة الطيور يترك في نفسي أثراً عميقاً و غامضاً
بتحليقها تعبر عن مشاعر دفينة
لا تستطيع أن تطفو علي السطح فأتلمسها
لكني أري صورتها منعكسة في كل طائر أبيض كبير
يحتضن بجناحيه صفحات السماء
تجسيد للنقاء ،
تجسيد للثقة بالذات،
تجسيد للسكينة،
تجسيد للتوكل،
تجسيد للحرية الحقيقية،
تجسيد للسلام،
تجسيد للجمال
الذي يتوق جزء ما في كل منا إليه
فقد فطرنا علي حب الجمال
والعشق الخفي بين الإنسان والطيور متأصل فينا منذ القدم
فلا عجب إذن أن يختاره الإنسان رمزاً للسلام
ولا عجب أن تكون أرواح الشهداء موجودة في جوف طيور تحلق بهم في الجنة
ولا عجب أن يكون الطير هو الكائن الذي اختاره الخالق عز وجل لإثبات مفهوم البعث لسيدنا إبراهيم.
ولا عجب أن يضرب به الرسول صلي الله عليه وسلم المثل الحقيقي في التوكل "تغدو خماصاً وتعود بطاناً"
كم أعشق الطيور البيضاء
وكم أتمني الذوبان في أحدها وأصبح جزءاً منه ولو ليوم واحد
أتذوق فيه لذة الحرية الحقيقية وأتنقل فيه عبر العالم
الواسع
الملئ بالمتناقضات
وبالعجائب
وبالعبر
وبالطرائف أحياناً
إن الكنز الذي تمتلكه الطيور هو
أنه لا يعوقها حواجز
ولا فواصل
تتنقل في العام الواحد من بلد متأخر إلي بلد متقدم
من دولة ديكتاتورية إلي دولة ديمقراطية
تري في العام الواحد الساجدين لله، والساجدين للطواغيت
تتنقل في عالمنا صامتة
تري كل الثقافات
والألوان
والأنواع
دون أن تتأثر بل قد تنقد ما لا يعجبها دون أن تخشي شيئاً
كما طاف هدهد سليمان ورأي عبدة الشمس وأنكر عليهم هذا أمام سليمان عليه السلام.
إن حرية و سرعة الانتقال واكتشاف الواقع من كل أركانه وجوانبه
مع الحفاظ علي الهوية هو الكنز الثمين الذي تمتلكه الطيور البيضاء
والذي أغبطها عليه دوماً
ولعل هذا هو السبب الذي يجعل جزءاً بداخلي
كلما رأيتها محلقة في السماء
يهتز منفعلاً
ويناجيها بصمت
آمل أن تتفهمه يوماً وترسل لي دعوة
لنزهة في ملكوت السماء !!
المخزون!
في كثير من الأحيان أشعر أن الإنسان كالوعاء الفارغ الذي يحاول كل ما يقابله أن يملأه . إلا أن هذا الوعاء يتميز بخصائص معينة تميزه عن غيره وهو أنه قابل للتمدد واستيعاب أكثر مما نتصور ومقدار التمدد هذا يختلف من شخص لآخر كما أن هذا الوعاء قابل لأن يمتلأ بكل شئ وبالمتضادات معاً دون شكوى .
خلقنا الله –عز وجل ــ لا نعلم شيئاً , وعاء فارغ وخلق لنا السمع والبصر والفؤاد لنملأ هذه الأوعية.
وفي كل موقف نتعرض له نكون مطالبين بإخراج المخزون في هذا الوعاء ...قد نكون مطالبين بإخراج مخزون الصبر وقد نكون مطالبين بإخراج مخزون الأمل والتفاؤل وقد نكون مطالبين بإخراج مخزون الصدق وغيره مما اختزناه خلال خبرتنا البشرية وتجربتنا الإنسانية.
وتكون الحكمة من وضعنا في مواقف الأزمات والاختبارات والابتلاءات لتكشف لنا أنفسنا بصورة شفافة وحقيقية دون زيف أو ادعاء .
نصبح عندها كالواقف أمام المرآة ليري هل لديه حقاً هذا النوع من المخزون وإذا كان لديه فما كميته؟
أشارت الآيات القرآنية في أكثر من موضع لهذا الأمر فيما معناه أن الله يختبرنا ليميز الخبيث من الطيب، ليبلو أخبارنا، ليعلم الصادق من الكاذب وهو الأعلم بمكنونات صدورنا ولكن ليقيم الحجة علي الخلق.
استوقفتني هذه الآيات الكريمة التي لمست فيها مفهوم المخزون:
" حتي إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا"
"حتي يقول الرسول والذين آمنوا معه متي نصر الله ألا إن نصر الله قريب"
واستوقفني بيت الشعر: ضاقت ولما استحكمت حلقاتها.... فرجت وكنت أظنها لا تفرج
دائماً هناك نقطة نشعر فيها بقرب نفاد المخزون باختلاف أنواعه وهي النقطة التي تنفرج بعدها الأزمات عادة
لتؤكد لنا الشواهد والأزمات والمواقف الإنسانية أنها ما جاءت إلا لقياس كمية هذا المخزون لدينا!